إن حب الوطن والاعتزاز بالانتماء إلى أرضه فطرة غريزية متأصلة في النفوس ومتجذرة في الوجدان، وتعد المناسبات الوطنية مناسبة لتجديد الحس الوطني وتعزيز قيم الانتماء وقيم المواطنة والولاء للوطن ولرموز الوطن لدى أفراد المجتمع كافة، وقد كان الاحتفال بيوم الشهيد في 30 نوفمبر واحتفالات الدولة باليوم الوطني الرابع والأربعين مناسبة وطنية احتفل بها أبناء دولة الإمارات والمقيمون على أرضها وأظهرت الاحتفالات تنوعاً وابتكاراً في إظهار فرحة اليوم الوطني والتقدير ليوم الشهيد الإماراتي. إن الاحتفال بيوم الشهيد واحتفالات العيد الوطني ليس مناسبة للتهاني والتبريكات فقط بقدر ما هي مناسبة اجتماعية تعكس الروح الوطنية التي يجب أن نستشعرها في عقولنا ووجداننا، وهي مناسبة تستحق أن نتوقف عندها ونحن نحتفل بإنجازات دولة الإمارات عاماً بعد عام، ولنستدرك الأبعاد الوطنية العميقة في نفوسنا ونعكسها على أبنائنا حتى تؤسس المناسبات الوطنية لوعي سياسي ولتنشئة سياسية تؤطرها قيم الولاء والانتماء للوطن. تمثل الأسرة البيئة الأولية التي تغرس الموروثات والقيم الحضارية والروحية في الفرد ليصبح قادراً على تحمل مسؤولياته وواجباته في المستقبل، مرتبطاً بقيم وطنه رافضاً للقيم الوافدة الهدامة، فتأصيل حب الوطن والانتماء له في نفوس النشء في وقت مبكر هو واجب مقدس وكذلك تعزيز الشعور بشرف الانتماء إلى الوطن، والعمل من أجل رقيه وتقدمه، وإعداد النفس للعمل من أجل خدمته ودفع الضرر عنه، والحفاظ على مكتسباته. ولعل من أهم أدوار الأسرة هي التنشئة السياسية للطفل بتجذير شعور حب الوطن والانتماء له من خلال العمل على إدراك الطفل للرمز السياسي للعلم والنشيد الوطني، ولاحترام القيادة السياسية للبلاد، وتعويد الطفل على المشاركة الفاعلة في المناسبات الوطنية والتفاعل معها والتنشئة على التمسك بمبادئ دينه، والربط بينه وبين هويته الدينية، وكذلك تعزيز الثقافة الوطنية بنقل المفاهيم الوطنية للطفل من خلال تدريسه لتاريخ وجغرافية وطنه وتثقيفه بالأهمية الجغرافية والاقتصادية للوطن. ومن الأسرة يمتد انتماء الفرد إلى بيئته الأوسع ومجتمعه ووطنه، فتنمية حس الانتماء للدين وللوطن يخلق حالة من الاطمئنان والاستقرار للفرد من خلال الترابط بين ما اكتسبه في بيئته الأولى وهي الأسرة مع مسؤولياته المجتمعية والوطنية، وفقدان هذا الحس يؤثر سلباً على المجتمع فيصبح الفرد فريسة سهلة للأفكار المتطرفة، وبالتالي فإن التربية والتنشئة على الانتماء للدين وللوطن والبدء في ذلك من الأسرة يعد من أهم عوامل التنشئة السياسية في المجتمعات. وفي الحقيقة أثبتت الدراسات أن تعزيز المواطنة في نفوس الأطفال والناشئة من أهم مسببات تحقيق أمن واستقرار الوطن وتطوره، كما أن لها دوراً في تشكيل سلوك النشء وتكوين المفاهيم الصحيحة وتعزيزها في أذهانهم بصورة تتوافق مع تطلعات المجتمع وغاياته. وفي ذكرى اليوم الوطني لدولة الإمارات نقف وقفة لنتساءل عن إسهاماتنا في تنشئة أطفالنا على حب الوطن، فمفهوم حب الوطن هو ذلك المفهوم العملي الواقعي الذي يتعدى الشعارات البراقة والأناشيد الحماسية، فهل ساهمنا في غرس حب العمل التطوعي وحب العمل المشترك، وهل أعطينا نماذج عملية للتكافل الاجتماعي وللمشاركة في نشاطات المؤسسات الأهلية وإسهاماتها في خدمة المجتمع؟ من الأسرة، الحضن الأول للفرد تبدأ التربية الوطنية، ومن ثم المدرسة والمؤسسات التربوية والرسمية الأخرى، فحرص الأسر على الاحتفال بهذه المناسبة الوطنية أمام أبنائها هو تعبير عملي عن حب الوطن وتجديد للولاء والطاعة لولاة الأمر.